فالعفو في حقّ الله عزّ وجلّ عبارة عن إزالة آثار الذّنوب بالكليّة، قال تعالى:" فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ "، الفرقان/70. وقد جاء ذكر العفو في آيات مختلفةٍ في القرآن الكريم، منها قوله تعالى:" إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا "، النّساء/149. ليلة القدر ليلةُ القدرِ هي ليلةٌ مباركةٌ ذكرها الله تعالى في القرآن، وليسَ إدراكها أمراً خاصّاً بالنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وحدهُ، بل يمكن لكلّ مسلمٍ قامَ رمضانَ أو العشر الأواخر منه أن يدركَ ليلة القدر، وذلك أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمرَ بالتماسها في العشر الأواخر من رمضان، كما في الحديث المتّفق عليه. وأمّا عن حقيقتها فهي ليلةٌ ذاتُ فضلٍ وشرفٍ، فقد اختصّها الله عزّ وجلّ بالمنزلة العالية من بين الليالي. وسمّيت بليلة القدر لأنّها ذاتُ قدرٍ وشرفٍ، أو أنّه تقدّرُ أرزاق العباد وآجالهم فيها على وفق ما سبق به علمُ الله، قال تعالى:" فيها يفرق كل أمرٍ حكيم "، الدّخان/4. وأمّا عن أوصافها فقد وصفها الله بأنّها مباركةٌ:" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ "، الدّخان/3 ، وقد خصّها الله تعالى بإنزال القرآنِ فيها، وجعلها خيراً من ألف شهر، وأخبر أنّ الملائكةَ تتنزّلُ فيها بأمرِ الله عزّ وجلّ، قال تعالى:" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ".
وقيل إنّ العفو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسَته، فكأنّ العافي عن الذّنب يمحوه بصفحه عنه. الحكمة منه تخصيص اسم الله تعالى العفُوّ تأكيداً لمكانة هذه الليلة المباركة، التي يعفو الله تعالى فيها عن العباد. إحساس العبد بالذّنب واعترافه بالخطأ والتّقصير يجعله يتضرّع إلى الله تعالى بطلب العفو. استشعار حسن الظنّ بالله تعالى، فيعمر قلب المؤمن بالرّجاء. إلحاح العبد بهذا الدّعاء فيه إظهار لافتقار العبد لربّه، و تذلـله بين يديه، وتعلّقه بمرضاته سبحانه وتعالى. معنى اسم الله العفوّ الاسم السّادس والسّتون من أسماء الله الحُسنى، وقد ورد في الأحاديث الصّحيحة التي ذكَّر فيها النبيّ عليه الصّلاة والسّلام أصحابه بأسماء الله الحسنى، والعفوُّ مشتقّ من العَفْو، ومعنى المصدر في المعاجم اللغويَّة: القصدُ لتناولِ الشّيء. والعفوُ أقلُّ من الصّفحِ، لأنَّ الصّفح أبلغ من العفوِ، والصّفحُ لا تأنيب معه، فقد أعفو عن إنسان وأُؤنِّبه. وقد يعفو إنسانٌ ولا يصفح. ومعنى العفوُّ أي الذي يمحو السّيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريبٌ من اسم الغفور ولكنّه أبلغ منه، لأنّ الغفران ينبّئ عن السّتر، والعفو ينبّئ عن المحو، والمحو أبلغ من السّتر.