حكم خدمة الزوجة لأهل زوجها ليس في الشرع ما يدلّ على إلزام المرأة بخدمة أهل زوجها أو أمّه، ولا يكون ذلك إلّا في حدود المعروف وقدر الطاقة، وذلك من باب حُسن العشرة لزوجها وبرّاً فيمن يجب عليه برّه، كما أنّ خدمة أهل الزوج وأمّه وأخواته ونحو ذلك ليس من لوازم عقد الزواج، فلا ينبغي أن يُختلف فيه، وللزوجة أن تتبرّع بخدمتهم إن شاءت ذلك احتساباً للأجر، وينبغي للزوج أن يقف عند هذا الحكم الشرعيّ، ولا يطلب من زوجته ما لم يلزمها الشرع به، كما يجدر به العلم أنّه لا طاعة له عند زوجته إن أمرها بذلك لكونه ليس من شرع الله. [١] حكم إساءة الزوجة لأهل زوجها إن الإساءة لأهل الزوج وإهانتهم من قِبل الزوجة يُعدّ ذنباً عظيماً؛ وذلك لأنّها إهانةٌ للزوج أيضاً، وقد سمّى الله -عزّ وجلّ- الإساءة إلى الأحماء وأذيتهم بالفاحشة المبيّنة في القرآن الكريم ، وذلك في تفسير طائفة من العلماء لقول الله تعالى: (إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) ، [٢] فالواجب على الزوجة التي تفعل ذلك أن تُسارع بالتوبة إلى الله، والاعتذار لأهل زوجها عمّا فرّطت فيه في حقّهم، أمّا إذا لم ترتدع عن فعلها فعلى الزوج أن يزجرها عنه ويردعها، حتى لو كان ذلك من خلال هجره لها أو ضربها ضرباً غير مُبرحاً، فهذا من مُقتضى قوامته عليها ومن أجل صيانة مكانة أهله.
قال الجوزجاني: فهذه طاعته فيما لا منفعة فيه فكيف بمؤنة معاشه. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه بخدمته فيقول: يا عائشة أطعمينا ، يا عائشة هلمي المدية واشحذيها بحجر. وقال الطبري: إن كل من كانت لها طاقة من النساء على خدمة بيتها في خبز ، أو طحن ، أو غير ذلك أن ذلك لا يلزم الزوج ، إذا كان معروفا أن مثلها يلي ذلك بنفسه " انتهى. وجاء فيها (30/126) أيضاً في بيان مذهب المالكية السابق: "... إلا أن تكون من أشراف الناس فلا تجب عليها الخدمة ، إلا أن يكون زوجها فقير الحال " ويتأكد القول بلزوم الخدمة على المرأة إذا جرت العادة به ، وتزوجت دون أن تشترط ترك الخدمة ، لأن زواجها كذلك يعني قبولها الخدمة ؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا. وقد رجح جماعة من أهل العلم القول بوجوب خدمة الزوجة لزوجها وذكروا أدلة ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال ، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية ، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة. وقاله الجوزجاني من أصحابنا وأبو بكر بن أبي شيبة" انتهى. "الاختيارات" ص 352. وقال ابن القيم رحمه الله: " فصل: في حكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها: قال ابن حبيب في "الواضحة": حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين على بن أبى طالب رضي الله عنه ، وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة ، خدمة البيت ، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة ، ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العجين ، والطبخ ، والفرش ، وكنس البيت ، واستقاء الماء ، وعمل البيت كله.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ما أوجب لها خادمة، وقد قضى عليها بالعمل في بيتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عائشة وسائر أزواجه فكان يقول: " يا عائشة اسقينا "، " يا عائشة أطعمينا "، وكان يقول: " يا عائشة هلمي الشفرة واشحذيها "، فكان يأمرها بالعمل، فالواجب على المرأة خدمة زوجها الخدمة التي تجب على مثلها لمثله، وليس الزوج المضياف كغير المضياف، فإن كان مضيافاً فعليها خدمة زائدة، وهذا الحد يعتد به بالعرف والعادة، وكما يقولون: العادة محكمة، وهذه قاعدة من القواعد الخمس الكلية التي يدور عليها الفقه في جل مسائله، أما القول بأن الخدمة ليست واجبة في حق المرأة فإنه يعطل هذه النصوص، فالمرأة إن قصرت في خدمة زوجها فهي آثمة، وهذا أرجح الأقوال، والله أعلم. 36 4 316, 282
14-03-2012, PM 17:32 #5 المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبراس الفراجي وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، حياك الله. يجب التفريق بين حقوق المرأة من ناحية زوجها ، وبين حقوقها كإنسانة من عملٍ ونحوهِ... إلخ. وموضوعي يتحدث عن ما يجب عليها من خدمة زوجها بغض النظر عن ما سواه ، وليس من العيب لمن كان ميسور الحال أن يحضر خادمة لزوجته ، ولكن أردت من هذا الموضوع الرَّد على من نفى ذلك عنها ، شكرا لك.
الفتاوى الكبرى. وقال الشيخ ابن عثيمين: فعليهن مثل ما عليهم بالمعروف، ولهن ما لهم بالمعروف، وبناءً على ذلك فإننا قد نقول في وقت من الأوقات إنه يلزمها أن تخدم زوجها في الطبخ وغسيل الأواني وغسيل ثيابه وثيابها وثياب أولادها وحضانة ولدها والقيام بمصالحه، وقد نقول في وقت آخر إنه لا يلزمها أن تطبخ ولا يلزمها أن تغسل ثيابها ولا ثياب زوجها ولا ثياب أولادها حسب ما يجري به العرف المتبع المعتاد.. فتاوى نور على الدرب - لابن عثيمين. وننبه إلى أن الزوجة لا تطالب بالكسب للإنفاق على البيت، ولا يجوز لها الخروج للعمل إلا بإذن الزوج، وإنما تجب نفقة الزوجة والأولاد على الزوج، -على خلاف في نفقة الأولاد البالغين- وانظري الفتوى رقم: 131622 كما ننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التوّاد والتراحم والتفاهم ومراعاة كلٍّ منهما لظروف الآخر. والله أعلم.
وبهذا يتبين أن الراجح وجوب الخدمة بالمعروف ، وأن المرأة مطالبة بالعمل في البيت ، كما أن الرجل مطالب بالعمل والكسب خارجه. ومن تمسك بقول الجمهور في نفي وجوب الخدمة ، قيل له: والجمهور لا يوجبون على الزوج علاج زوجته إذا مرضت ، وعللوا ذلك بأن العلاج ليس حاجة أساسية ، أو بأن النفقة إنما تكون فيما يقابل المنفعة ، والتداوي إنما هو لحفظ أصل الجسم. ولكن من نظر إلى كون العلاج أصبح حاجة أسياسية في هذا العصر ، تبين له رجحان القول بوجوب معالجة الزوج لزوجته. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 83815). وإذا لم تقم الزوجة بأعمال البيت ، فمن الذي سيقوم بها ؟ والزوج مشغول سائر يومه بالكسب ، وأكثر الناس لا يستطيع دفع أجرة للخادمة. ولو أن النساء امتنعن عن الخدمة ، لأعرض الرجال عن الزواج منهن ، أو اشترطوا عليهن الخدمة في عقد النكاح ، ليزول الإشكال. والله أعلم.
حكم خدمة المرأة لزوجها مسألة خدمة المرأة زوجها من القضايا الفقهية التي بحثها أهل العلم قديماً، ويمكن إجمال الآراء الفقهية في المسألة بما يأتي: الرأي الأول وجوب خدمة المرأة لزوجها، فقد ذهب فريقٌ من أهل العلم إلى أنّ من الحقوق المادية الواجبة على الزوجة لزوجها الخدمة، حيث إنّ المولى خلق المرأة وجعل فطرتها تميل إلى تدبير شؤون البيت، وذلك بما أودع فيها من خصائص تصلح لقيامها بشؤون بيتها ورعاية أمور الأسرة، فقيام المرأة بخدمة زوجها وبيتها سبيلٌ لحماية مشاعر المودة والسكينة التي حرص الإسلام على ديمومتها في البيت المسلم؛ فتقرّ عين الزوج ويزيد رضاه عن زوجته، وقد استنبط أهل العلم من قول الله عزّ وجلّ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، [١] أنّه يجب على النساء حقوقٌ لأزواجهنّ كما لهنّ عليهم حقوقاً، والمعروف عند أهل التفسير يقصد به في أحد معانيه العرف الدّارج بين الناس، فيرجع إلى العُرف ويُحتكم إليه في المسألة، ولمّا كان عرف المسلمين في كلّ زمانٍ ومكانٍ أن تخدم المرأة بيت زوجها كان ذلك واجباً عليها شرعاً، وأمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- كنّ يقمن على خدمة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وبيته، وجاءت كثيرٌ من الروايات الصحيحة تؤكّد هذا المعنى المشار إليه، ففي الصحيحين من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: (كنا نعُدُّ له سواكَه وطهورَه؛ فيبعثه اللهُ ما شاء أن يبعثَه من الليلِ) ، [٢] وقد ثبت أنّ فاطمة -رضي الله عنها- كانت تخدم زوجها علي -رضي الله عنه- حتى أجهدها ذلك، [٣] ولمّا شكت للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما تجد حكم بينها وبين علي -رضي الله عنه- بأن تقوم هي بالخدمة داخل البيت، كتجهيز العجن، وإعداد الطبخ، وإصلاح الفرش، وكنس البيت، وحكم على علي بالخدمة اللازمة خارج البيت.
قال المهلّب: هذا من فعله عليه السلام، على سبيل التواضع وليسنَّ لأمته ذلك، فمن السنة أن يمتهن الإنسان نفسه في بيته فيما يحتاج إليه من أمر دنياه وما يعينه على دينه. انتهى. وقال السندي: ففيه: أن خدمة الدار وأهلها سنّة عباد الله الصالحين. انتهى من حاشية السندي على صحيح البخارى. والله أعلم.
تاريخ النشر: الأحد 14 شعبان 1431 هـ - 25-7-2010 م التقييم: السؤال من واجب المرأة المسلمة أن تطيع زوجها فيما يرضي الله ـ أعرف ذلك ـ ولكن لاحظت أن هناك أسئلة وردت على موقعكم بخصوص خدمة المرأة لزوجها ولم تكن هناك ردودا شافية إلا أنها واجبة، وهنا يقف الرجل ويقول لي الحق في كل شيء، وسؤالي: هل عيب أن يساعد الرجل زوجتة؟ علما بأن هناك توأما وأولادا صغارا، وهل المرأة ملزمة بولائم زوجها، وليس لها الحق أن ترفض ذلك بحجة التعب والصغار؟ وهل تكون المرأة هنا غير مطيعة لزوجها؟ مع العلم أن كل شيء عليها ولا أحد يساعدها؟. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد اختلف أهل العلم في مسألة خدمة الزوجة لزوجها، فذهب بعضهم إلى عدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها ـ أصلا ـ وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك بالمعروف ـ أي بما جرت به العادة من خدمة مثلها لمثله ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة. انتهى. وذهب بعضهم إلى تحكيم العادة والعرف، فإن كانت الزوجة ممن جرت العادة بأن مثلها لا يَخدِم، فيجب على الزوج ـ حينئذ ـ أن يوفر لها خادمة تخدمها.
السؤال: من المستمعة (ع. هـ. م) سوداني مقيمة في المملكة، بعثت تسأل عن قضية هامة جداً نرجو أن يتفهمها الناس فهماً صحيحاً، تقول: أسأل عن خدمة المرأة لزوجها، من ترتيب المنزل وإعداد الطعام ونظافة المنزل وغسل وكوي الثياب له، وأيضاً نظافة الأطفال، وتناولهم الطعام، هل يكون عليها واجب أو فرض من الله، أو يعتبر خدمة إنسانية بينهما، وإذا لم تخدمه في الأشياء المذكورة ماذا يكون حكمها في الدين؟ هل عليها إثم أم لا؟ الجواب: هذه المسألة مهمة والصواب فيها: أنها واجبة عليها لزوجها، وهكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تخدمهم نساؤهم، حتى فاطمة رضي الله عنها كانت تخدم زوجها وتقوم بحاجة البيت، من طحن وكنس وطبخ وغير ذلك، فهذا من المعاشرة بالمعروف، أو هذا هو الأصل. إلا إذا كانت المرأة من بيئة قد عرفوا بأنهم يخدمون في أي قطر أو في أي زمان، فالناس لهم عرفهم؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] فإذا كانت المرأة من بيئة تخدم ولم يكن من عادتهم أنهم يخدمون البيت، فإن الزوج يأتي لها بخادمة إن لم تسمح بأن تخدم بيتها، أما إن سمحت فالحمد لله، وأما الأصل فالأصل أنها تخدم زوجها في كل شيء مما ذكرت السائلة، كنس البيت طبخ الطعام تغسيل الثياب كيها ونحو ذلك، هذا هو العرف السائد في عهد النبي ﷺ وعهد من بعده، لكن إذا وجدت بيئة وأسرة لها عرف آخر في بلادهم واشتهر ذلك بينهم وعرف بينهم وعرفه الزوج.