ولكن بعد إستيلاء الحوثيين على الجوف، انفتحت شهيتهم لإعادة تغيير المعطيات على الأرض في مأرب. ولتحقيق هذا الهدف، يعملون على استراتيجية ضغط عسكرية على القوات الموالية للحكومة من ثلاثة اتجاهات. الأول، من الجنوب الغربي انطلاقاً من صرواح، حيث صعّد الحوثيون في جبهة صرواح بطريقة غير مسبوقة منذ بداية الحرب، وشهدت صرواح أعلى معدل للمعارك فيها، حيث يحاول الحوثيون التقدم انطلاقاً من مواقعهم في صرواح لاستكمال السيطرة على كامل المديرية بما فيها معسكر كوفل الاستراتيجي – وهو حالياً موقع اشتباكات بين الأطراف المتحاربة – الذي يطل على مدينة مأرب من الغرب، وبالتالي سقوطه بيد الحوثيين يعني أنه لن يفصل قوات الحوثيين سوى بعض المواقع الاستراتيجية، والتي من أبرزها "تبة المصارية"، عن مركز المحافظة. يأتي الضغط العسكري الثاني من الغرب، انطلاقًا من منطقة نهم الاستراتيجية التابعة لمحافظة صنعاء. توسعت هذه الجبهة لتشمل مديرية مجزر شمالاً بعد تقدم الحوثيين في المديرية من مديريتي الغيل والخلق التابعتين لمحافظة الجوف المجاورة. ويكتمل ضغطهم العسكري انطلاقاً من الشمال وتحديداً من صحراء الجوف. ويهدف هذا الهجوم إلى قطع خطوط النقل الدولية التي تربط مأرب بالجوف ومعبر الوديعة مع السعودية شمالاً وحضرموت جنوباً.
- القوات الحكومية استعادت منطقة اليتمة بعد ساعات قليلة من سقوطها بأيدي الحوثيين - تساؤلات حول سبب إحجام التحالف بقيادة السعودية عن القيام بعمليات مماثلة لاستعادة مناطق أخرى لم تكن أصداء سقوط منطقة اليتمة بمحافظة الجوف شمالي اليمن، في يد جماعة الحوثي قد بلغت مسامع النخب المحلية، حتى أطلقت القوات الحكومية عملية عسكرية واسعة وخاطفة لاستعادتها. فبعد ساعات قليلة من سقوط اليتمة الواقعة بالقرب من الشريط الحدودي للسعودية في أيدي الحوثيين، نجحت قوات عسكرية يمنية، مسنودة بالمئات من المسلحين القبليين، وبمشاركة واسعة لمقاتلات التحالف العربي، من استعادة المنطقة ودحر الحوثيين. مصدر عسكري في المنطقة السادسة بالجوف، أوضح للأناضول أن القوات الحكومية استعادت زمام المبادرة شمال شرق الجوف، بفضل الأسلحة التي تدفقت من السعودية "والغارات المركزة" على تجمعات الحوثيين في مناطق متفرقة من مديرية "خب الشغف" المحاذية للسعودية (تقع اليتمة في نطاقها). وأضاف أن مقاتلات التحالف مهدت للعملية في منطقة اليتمة بنحو 15 غارة جوية مركزة ومتلاحقة على طلائع المسلحين الحوثيين، الأمر الذي سهل عملية استعادتها في غضون ساعات. ولاقت العملية تأييدا على نطاق واسع من اليمنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ممن عبروا عن مساندتهم للجيش، في محاولة للخروج من حالة الصدمة بعد الانتكاسة التي تعرضت لها القوات الحكومية بخسارتها مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، إضافة إلى مساحات واسعة من مديرية نهم التي تعرف بأنها البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء.
ماجد المذحجي تحولت الأنظار إلى محافظة مأرب المجاورة لمحافظة الجوف بعد سقوط مدينة الحزم، عاصمة الأخيرة، بيد الحوثيين في نهاية فبراير/شباط. وعلى أهمية سقوط الجوف تبقى الجائزة الكبرى هي مأرب، المدينة التي تحتضن الكتلة الأكبر من خصوم الحوثيين الشماليين، وأكبر عدد من القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وهي وحدات تابعة للجيش الوطني. علاوة على كونها المحافظة الأغنى في الشمال، تضم آبار النفط والغاز، وفيها مصفاة صافر النفطية، ومحطة مأرب الكهربائية الكبرى التي كانت تغذي معظم اليمن بالكهرباء قبل الحرب. وهي علاوة على ذلك وذاك عاصمة القبائل السنية الشافعية القوية مثل مراد وعبيدة والجدعان وغيرها، ومركز قوة للتجمع اليمني للإصلاح (الإصلاح)، أحد أكبر الأطراف السياسية اليمنية وأهم خصوم الحوثيين المحليين. وبالتالي تعد مأرب ملاذ ومورد يغذي الإصلاح الذي أمسى صانع القرار الرئيسي في إحدى المحافظات الأكثر أهمية استراتيجياً في اليمن. كما تعد مأرب أيضاً، آخر مصادر القوة السياسية للحكومة الشرعية، ومن شأن خسارتها أن يقوّض حرب التحالف بقيادة السعودية في اليمن. سقوطها بيد الحوثيين يعني التالي: السيطرة على معظم الشمال ووضع اليد على موارد المحافظة المهمة، وتأمين طريق سريع إلى المحافظات الجنوبية التي تفتقد القدرة على مقاومة الحوثيين.
العالم العربي GMT 13:35 16. 01. 2019 (محدثة GMT 18:01 18. 2019) انسخ الرابط 0 نقلت صحيفة "الوطن" السعودية عن مصدر عسكري رفيع، قوله إن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) تستغل الوقت المنبثق عن الهدنات العسكرية والمفاوضات من أجل التجهيز لمخطط كبير. وقال المصدر الذي لم تسمه الصحيفة ، إن نية الجماعة عندما قبلت بالجلوس حول مائدة المشاورات في جنيف والكويت والسويد، لم تكن للوصول إلى أي اتفاق أو حلول عملية على الأرض، بل من أجل كسب مزيد من الوقت للانتهاء من المشاريع الحربية والعسكرية. © AFP 2020 / Mohammed Huwais وفي سياق متصل، قال العقيد اليمني، يحيى أبو حاتم ، للصحيفة إن "الجماعة الحوثية بدأت قبل 3 أشهر في إنشاء محطات لشن حروب إلكترونية في المناطق الجبلية المتاخمة للحديدة، وفي جبال صنعاء المتاخمة للمعركة". وقال أبوحاتم إن "هذا العمل يخالف ما يظهره الحوثيون ويكشف حقيقية استعدادهم للمعركة الكبرى"، مطالبا "قيادة التحالف والشرعية بحسم المعركة عسكريا وتحرير اليمن من الانقلاب، وعدم إعطاء أي فرصة للمماطلة واللعب على عامل الوقت". وأضاف: "هناك عمل متواصل ليلا ونهارا، وموازٍ في الوقت ذاته وبشكل كبير جدا في إنشاء وحدة الطيران المسير، وقد تم استدعاء عدد من الطيارين، وأعداد كبيرة من الخبراء الإيرانيين للقيام بمهام التدريب، ويسعون من ذلك إلى تعزيز قدراتهم الجوية، من أجل إحداث مفاجآت في المعركة، وإحداث نقلة نوعية في قدراتهم الإلكترونية".
أضاف وليد. كان عنبر التبن أحد أهداف الغارة، التي شنتها طائرات التحالف ضمن سلسلة غارات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية وجبل عطان. قضى مهدي الريمي على الفور، وأظهر أحد تسجيلات الفيديو لاحقاً مجموعة من المسعفين يمسكون بأطراف مئزر ملطخ بالدم؛ كان جثمان مهدي مكوماً داخله مثل الكثير من خيوله النافقة. أما أسد أحمد شليل (13 سنة) فقد كسرت يده، بينما انكسرت رجل عمه خالد. كان مشهداً ملحمياً كما لو أنها ساحة لمعركة من العصور القديمة. غير أن الخيول الصرعى كانت أكثر من إصابات الرجال بعشرة أضعاف، وما من فرسان للنزال والمواجهة. الطائرات تقصف من علو يفوق 15 ألف متر، فيما تختلط أشلاء الخيول بصفائح الزنك وكتل الأسمنت المتناثرة من الجدران القصيرة لإسطبلاتها. صهيل الخيول الناجية كان استغاثات ممزوجة بالغضب والخوف والألم. تماماً كحال الكابتن بلال الصبري، مع فارق أن خوفه تحول نحو الخيول الناجية لإبعادها من المكان فوراً. عندما تعرضت اسطبلات الخيول للقصف، كان بلال الصبري في شارع 16. توجه فوراً إلى المكان، ودخل بين حطام الزنك والجثث الضخمة لتهدئة روع الخيول الناجية والمهور التي فقدت أمهاتها. صوّر بلال فيديو مؤثر للحظات التي كان يتجول فيها بين الاسطبلات لتجميع الخيول الناجية، ويصرخ طالباً الإذن من القائد لإخراجها إلى مكان آمن، خوفاً من تكرار القصف.
تأتي المشكلة الأخرى في السيطرة على هذه الألوية واستبعاد الضباط المحترفين غير الموالين لحزب الإصلاح أو لنائب الرئيس علي محسن الأحمر، وصعود قيادات من خارج الجيش تفتقر للكفاءة لكنها موالية. يكشف سقوط الجوف والمعركة الحالية على مأرب، القدرات العسكرية المهترئة للقوات العسكرية التابعة للشرعية، وينعكس بشكل مباشر على كافة المستويات القيادية للجيش اليمني صعودًا إلى وزير الدفاع محمد المقدشي ومن ثم نائب الرئيس علي محسن. ووضع هذا في بعض الأوساط السياسية والعسكرية علامة استفهام عميقة حول العائد من بقائهم في مناصبهم. والأهم، فمن المرجح أن يدفع أداء الجيش الوطني الضعيف مؤخراً – والذي يشمل طرد القوات الحكومية من عدن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي العام الماضي وهزيمة القوات الحكومية المفاجئة في نهم أمام الحوثيين في يناير/كانون الثاني – بالسعودية إلى إعادة النظر في القيادة العسكرية الحالية. ويبدو أن الاستثناء من التعديل المحتمل في القيادة هو صغير بن عزيز رئيس الأركان المعين حديثاً الذي يبدو نجماً صاعداً. إلا أن لإعادة ترتيبه القوات العسكرية تحت يده وإنجازه أي فرق ذو أهمية، تعقيدات ترتبط بعدة عوامل، لا تتعلق فقط بالوقت المحدود الذي قضاه في موقعه منذ تعيينه ولا بالضغط العسكري الحوثي المستمر، بل يتعلق أيضاً بقلق حزب الإصلاح منه، والذي ينظر إليه بعين الارتياب ويعتبر أن أي نجاحٍ له، يخصم بالضرورة من سيطرة الإصلاح على الجيش.
تغطي إصدارات وبرامج المركز، المتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بهدف التأثير على السياسات المحلية والإقليمية والدولية.
** ما الذي يمنع عمليات مماثلة؟ وفي زحمة الفرحة لمؤيدي الحكومة الشرعية بالتقدم المحرز شمال محافظة الجوف، تضاءلت فرص السؤال عن السبب الذي يجعل التحالف بقيادة السعودية يحجم عن القيام بعملية مماثلة لاستعادة "فرضة نهم" التابعة لمحافظة صنعاء، والتي سقطت في يد جماعة الحوثي أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي. وفضلا عن الأهمية الاستراتيجية التي تشكلها مديرية نهم في موازين المعادلة العسكرية، والتي تفوق بأضعاف أهمية مناطق اليتمة في الجوف بالنسبة للحكومة اليمنية، فإن عملية استعادتها تتصل بجوهر الأهداف والغايات الكبرى للمعركة التي تخوضها الحكومة ضد جماعة الحوثي. فمديرية نهم إضافة لكونها نافذة الجيش اليمني للزحف نحو صنعاء، واستعادتها من جماعة الحوثي؛ فهي أيضا تمثل خط الدفاع الأول عن معاقل الحكومة الشرعية في محافظتي مأرب، والجوف، وبخسارتها أواخر يناير الماضي ، تلقت الحكومة المعترف بها دوليا واحدة من أقوى الضربات منذ اندلاع النزاع مطلع 2015. ومعظم جبهات القتال في محافظات تعز والضالع والبيضاء ومأرب تعيش، منذ نحو عامين، حالة من الجمود، نتيجة شحّ الإمكانات والنقص الحاد في العتاد العسكري، ما جعل القوات الحكومية تصرف النظر عن التقدم واستعادة المزيد من الأرض، والاكتفاء بوضعية "الدفاع" لصد هجمات المسلحين الحوثيين.