فأتى به النبيَّ. فقال: هبْ لي هذا. فأبى. فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ [7] » قال رسول الله: «ردُّوا علَيهم نساءَهُم وأبناءَهُم، فمِن مسَكَ بشيءٍ من هذا الفيءِ، فإنَّ لَهُ بِهِ علَينا ستَّ فرائضَ من أوَّلِ شيءٍ يُفيئُهُ اللَّهُ علَينا، ثمَّ دَنا يعني النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من بَعيرٍ، فأخذَ وبَرةً من سَنامِهِ، ثمَّ قالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّهُ ليسَ لي من هذا الفَيءِ شيءٌ، ولا هذا ورفعَ أصبُعَيْهِ إلَّا الخُمُسَ، والخمُسُ مَردودٌ عليكُم ، فأدُّوا الخياطَ والمِخيَط. فقامَ رجلٌ في يدِهِ كَبَّةٌ من شَعرٍ فقالَ: أخذتُ هذِهِ لأُصْلِحَ بِها برذَعةً لي. فقالَ رسولُ اللَّهِ: أمَّا ما كانَ لي ولبَني عبدِ المطَّلبِ فَهوَ لَكَ. فقالَ: أمَّا إذ بلغَتْ ما أرى فلا أرَبَ لي فيها ونبذَها [8] » الفرق بين أحكام الغنيمة والفيء [ عدل] الغنيمة [ عدل] مقالة مفصلة: غنيمة الغنيمة هو كل ما أخذ من الكفار بقوة الخيل والركاب أو ما يقوم مقامهما في كل زمن، ويدخل في الغنيمة سلاح العدو وعتاده والحيوان من خيل وماشية وذهب وفضة وكل ما يصلح من متاع الدنيا من النساء والعبيد حتى الخيط والإبرة.
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. أيها الإخوة الكرام: الحديث اليوم حول الترهيب من الدين وترغيب المستدين أن ينوي وفاء الدين: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ)) هذا الحديث خطير جداً ما طالبك الله بما لا تستطيع طالبك بما تستطيع، طالبك أن تنوي أداء هذه الأموال. ((.. مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ... )) يعني يسر له سبل أداءها رزقه رزقاً حلالاً وفيراً يعينه على أدائها يسر له عملاً يرتزق منه يعينه على أداء هذا الدين وهبه طريقة في كسب المال تعينه على أداء الدين. ((... مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ.... )) وأحياناً الإنسان لضيق أفقه ولضعف إيمانه حينما يأخذ أموال الناس ينوي ابتداءً أن لا يؤديها يقول لك غني ليس بحاجة فعندئذ يفتقر هذا الإنسان.
ذهب إلى حلب الله ألقى في قلب تاجر ألبسة كبير العطف على هذا الإنسان فأمده ببضاعة من الدرجة الأولى على شرط أن يعطيه ثمنها بعد أن يبيعها هو باعها ليس في المحلات باعها مباشرةً والله خلال سنة ونصف المبلغ كان مسلماً. أنا أضرب هذا المثل مفلس إفلاساً كاملاً والمبلغ منته ولا يملك إلا هذا الحديث ((... )) الله ألقى في قلب هذا التاجر الكبير العطف تاجر كبير بضاعته من الدرجة الأولى وبإمكانه أن يبيعها نقدي أعطاه إياها على شرط أن يؤدي ثمنها بعد البيع وباع والله فتح باع قسم بمدينة وقسم بمدينة وخلال سنة ونصف أرباح بضاعته سددت المبلغ لقريبي والمشكلة حلت ((... مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ.. )) يا ليت أتلفها الله أتلفه، دققوا أتلفه، يتلف يتحطم يطلق زوجته يتطاولوا عليه أولاده يصاب بمرض عضال مال الناس إذا الشهيد، الشهيد الذي قدم أثمن ما يملك يغفر له كل ذنب إلا الدين لا يغفر وكان عليه الصلاة والسلام إذا مات أحد أصحابه يسأل هذا السؤال أعليه دين؟ فإن قالوا نعم قال صلوا على صاحبكم. لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة بينما حقوق الله عز وجل مبنية على المسامحة.
لي صديق والده يعمل في التجارة بين الخليج وسوريا القصة منذ أربعين سنة، اشترى بضاعة ونقلها إلى الخليج وباعها هناك واشترى بثمنها بضاعة تحتاجها سوريا والميناء في بيروت، في الميناء في قضية في على اسمه إشكال فلابد من أن تكون باسم شريكه كل ما يملك في الحياة في هذه البضاعة التي نقلت إلى ميناء بيروت وهذا الشريك أغراه هذا الرقم الكبير وكتبت باسمه واستولى على البضاعة وأنهى الشركة مع شريكه والمبلغ يمكن أن يجعله من أكبر الأغنياء، مرة ماشي مع صديقي بقرية من قرى ريف دمشق فيها مركز توزيع خبز قال لي هذا شريك والدي فقير مقهور أخذ أموال الناس لا يريد أداءها فأتلفه الله عز وجل. لا تجد إنساناً حريصاً على أداء الأموال، والله لي قريب أعطى إنسان بتزكية مني مبلغاً كبيراً ليستثمره عنده هذا الأخ ارتكب أخطاء في عمله التجاري ففلس والقريب له عنده مبلغ ضخم كبير جداً وأنا كنت الواسطة وأنا كنت المزكي فصار الضغط كله علي بشدة، أنا أثق بهذا الأخ لكن ما معه والذي أودع عنده المال ذهب إلى بلد نفطي وأمضى فيه ست عشرة سنة وجاء بمبلغ ويعيش منه المبلغ راح كله خسارة والمشكلة كبيرة جداً، قلت لهذا الأخ الذي أخذ المبلغ والله أيها الإخوة الكرام ذكرت له هذا الحديث، قلت له أنت الآن لا تملك شيئاً لكن تملك أن تنوي أداء هذا المبلغ انوِ أداء هذا المبلغ والله عز وجل ييسرك.
باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها 2257 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثنا سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله عرض الحاشية قوله: ( باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها) حذف الجواب اغتناء بما وقع في الحديث. قال ابن المنير: هذه الترجمة تشعر بأن التي قبلها مقيدة بالعلم بالقدرة على الوفاء ، قال: لأنه إذا علم من نفسه العجز فقد أخذ لا يريد الوفاء إلا بطريق التمني والتمني خلاف الإرادة. قلت: وفيه نظر لأنه إذا نوى الوفاء مما سيفتحه الله عليه فقد نطق الحديث بأن الله يؤدي عنه إما بأن يفتح عليه في الدنيا وإما بأن يتكفل عنه في الآخرة ، فلم يتعين التقييد بالقدرة في الحديث ، ولو سلم ما قال: فهناك مرتبة ثالثة وهو أن لا يعلم هل يقدر أو يعجز. قوله: ( عن ثور بن زيد) بفتح الزاي وهو الديلي ، وللإسماعيلي من طريق ابن وهب عن سليمان " حدثني ثور ". قوله: ( عن أبي الغيث) بالمعجمة والمثلثة ، زاد ابن ماجه " مولى ابن مطيع ". قلت: واسمه سالم والإسناد كله مدنيون.
ثايناً: إذا كان أهلك فقراء ومحتاجين كما ذكرت ، وكانت نفقتهم غير واجبة عليك ؛ لكونك لا تملكين مالاً تنفقين عليهم منه ، ففي هذه الحال يجوز لك إعطاؤهم من ذلك المال بنية التصدق عن أصحاب ذلك المال. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - عند قول المؤلف: وإن جهل ربه تصدق به عنه مضمونا -: " لو قدر أن له أقارب محتاجين ، فهل يصرف هذا في أقاربه ؟ الجواب: نعم ، يصرف هذا في أقاربه ، لكنه لا يجوز أن يحابيهم ، فيرى غيرهم أحوج ، ويعطي أقاربه ، لكن إذا كان أقاربه مساوين لغيرهم ، أو أحوج من غيرهم ، فلا بأس أن يعطيهم " انتهى من " الشرح الممتع " (10/194). والله أعلم.
قال سفيان الثوري ، وأبو نعيم، وأبو أسامة، عن قيس بن مسلم: «سألت الحسن بن محمد بن الحنفية عن قول الله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول) قال هذا مفتاح كلام، لله الدنيا والآخرة. ثم اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله فقال قائلون: سهم النبي تسليما للخليفة من بعده. وقال قائلون: لقرابة النبي. وقال قائلون: سهم القرابة لقرابة الخليفة. فاجتمع قولهم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر و عمر [ ؟] » كان أبو بكر الصديق يصرف سهم الرسول وقرابته في دعم الجهاد أي في الخيل وفي العتاد، فعن جبير بن مطعم أنه قال:«أنَّ رسولَ اللَّهِ لم يَقسِم لبَني عبدِ شَمسٍ، ولا لبَني نوفلٍ منَ الخمُسِ شيئًا، كما قسمَ لبَني هاشمٍ، وبَني المطَّلب قالَ: وَكانَ أبو بَكْرٍ يقسمُ الخمسَ نحوَ قَسمِ رسولِ اللَّهِ ، غيرَ أنَّهُ لم يَكُن يُعطي قُربى رسولِ اللَّهِ ، كما كانَ يُعطيهِم رسولُ اللَّهِ ، وَكانَ عُمرُ يعطيهِم منه، وعثمان بعده. [12] » حسب المذهب الجعفري: إنّ سهم الله وسهم الرسول وسهم ذوي القربى يُفوّض أمرها إلى الإمام أو نائبه يضعها في مصالح المسلمين.
حديث: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله))؛ رواه البخاري [1]. يتعلق بهذا الحديث فوائد: الفائدة الأولى: يشمَل الحديث كل من أخذ أموال الناس بأي طريق مباح، فيدخل في ذلك أخذ المال عن طريق القرض أو العارية أو الوديعة أو غير ذلك، فمن أخذ شيئًا من ذلك وهو عازمٌ على أداء حق الناس أعانه الله تعالى على أدائه، وذلك في الدنيا بأن ييسر له الأداء، أو يعطف أصحاب الحق عليه لتحليله من الدين أو غير ذلك، وفي الآخرة إن لم يتيسر له ذلك في الدنيا بأن يرضيَ عنه خصومه فلا يأخذوا من حسناته ولا ترد عليه سيئاتهم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إما بأن يفتح عليه في الدنيا، وإما بأن يتكفل عنه في الآخرة [2] ؛ اهـ، وقال العيني رحمه الله: يسر له ما يؤديه من فضله لحسن نيته [3] ؛ اهـ، وإنما يسر الله له ذلك؛ لصدق نيته، وقوة عزيمته على أداء حقوق الناس. الفائدة الثانية: في الحديث تهديد شديد للذين يأخذون أموال الناس وليس في نيتهم أداؤها، وقد تهددهم الله تعالى بالإتلاف، ومعنى هذا: أنهم بإساءتهم للناس يعادون الله تعالى ويبارزونه، وبذلك يستحقون العقوبة من الله تعالى بإتلافهم بأي نوع من الإتلاف، فقد يتلف الله نفوسهم، أو يتلف أموالهم، أو ينزع البركة منها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ((أتلفه الله)) ظاهره أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه، وهو عَلَمٌ من أعلام النبوة؛ لِما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئًا من الأمرين، وقيل: المراد بالإتلاف عذاب الآخرة [4] ،وقال العيني رحمه الله: ((أتلفه الله)) يعني يذهبه من يده فلا ينتفع به؛ لسوء نيته، ويبقى عليه الدَّين، ويعاقب به يوم القيامة؛ اهـ [5] ، وفي الحديث الحث على حسن الأداء، وهذا من محاسن الشريعة، ومكارم الأخلاق.
أكل مال الناس بغير حقٍ جعل الله -تعالى- المال قواماً للناس وللحياة، وجعل له حُرمةً، فبين النبيّ حُرمة أخذ أموال الناس إلّا بطيب نفسٍ منهم، ومن أخذها بغير وجه حقٍّ ؛ فإنّما يأخذ قطعةً من النار، حتى وإن كانت من العصاة أو الكفار، وكلّ جسمٍ نبت من الحرام فالنار أولى به، فمن استكثر من الحرام فإنّما يستكثر من النار، [١] فكلّ ما يأخذه الإنسان من مال غيره دون رضاهم أو علمهم؛ كالسرقة، والغصب يعتبر من الحرام. [٢] صور أكل أموال الناس بغير حقٍ حرّم الله كلّ طريقةٍ تؤدي إلى أكل أموال الناس بغير حقٍّ، وقد ذكر العلماء الكثير من الصور لذلك، منها: [٢] الغصب والسرقة؛ فقد شدّد الإسلام في حرمتهما، ووضع الإسلام عقوبةً لمن ارتكبهما بقطع اليد، قال الله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَة فاقطعُوا أيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، [٣] ومن صور السرقة والغصب؛ أخذ أرض الغير بالقوة والظلم، وقد توعّد الله -تعالى- من يفعل ذلك بأشدّ العقوبة، كما روى ذلك الإمام البخاري أنّه يُخسف به يوم القيامة في النار إلى سبع أرضين. الرشوة؛ وهي كلّ ما يُدفع ليتوصل به إلى الحرام، أو إلى حقّ الغير، كالموظف الذي لا يعمل حتى يُدفع له، وقد لعن الله ورسوله الراشي والمُرتشي؛ لأنّ في االرشوة إعانةً على الظلم، وهدراً لكرامة الناس ، وانتشاراً للتزوير والاختلاس.
الفائدة الثالثة: أفاد الحديث جواز الاقتراض ونحوه من المداينات ، وقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، وهذه الآية عامة في جميع الديون، ومنها القرض، ولكن ينبغي ترك الاقتراض وتحمل الديون لغير حاجة؛ فقد جاءت الأحاديث بالترهيب من ذلك؛ ففي حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُغفَر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين))؛ رواه مسلم [6] ، وعن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم، فذكر لهم: ((أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال))، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم، إن قُتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبِل غير مدبر))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف قلت؟))، قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفَّر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم، وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّين؛ فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك))؛ رواه مسلم [7].